خمسة وخميسة في عين الحسود! جُملة
متأصلة في أعرافنا وتقاليدنا كمصريين، نرددها كثيرًا؛ اعتقادًا منا أنها تمنع
الحسد وتحفظ من تُقال له من أي عين أو شر.
ولكن هذه الجملة لم تمر مرور الكرام؛
فقد استوقفت فريق الإعداد، وقاموا بعمل أبحاثهم الدقيقة حول هذه الجُملة؛ لنكتشف
أن هناك تضاربًا كبيرًا موجودًا حول الأصل التاريخي لها، فالعديد من الثقافات
تستخدم تلك الكف أو تعلقها أو تشير إليها في حديثها.
وبالرغم من هذا التضارب والتباين؛ إلا
أن تلك الثقافات المختلفة اتفقت على أمر واحد؛ وهو غرض هذه اليد؛ حيث يتأتى الهدف
منها للحماية من العين والحسد الذي قد يصيبهم، وليست مجرد زينة تعلق في البيوت
بغرض الزينة أو التزين كما يعتقد البعض.
وفي هذه الفِقرة نستعرض لكم أبرز
المعلومات التي جمعنها لكم من مصادر مختلفة لتؤول في النهاية إلى غرض استخدام هذه
اليد، ومعناها في ثقافات مختلفة؛ كما سنتطرق للحديث عن أسماء مختلفة لهذه اليد
تباعًا لكل ثقافة ولغة على حدة.
ما هي تميمة فاطمة؟
·
بداية؛ تفسر معاجم اللغة العربية أن
معنى كلمة (تميمة) هي الخرزة وما يشبهها، والتي تُعلَّق في العنق ظنًّا أنها تدفع
العينَ أو تقي من الأرواح الشِّرِّيرة، أو شيء تُنسب إليه قوَّة سحريّة تحمي مالكه
من أي شر.
·
أما عن تميمة فاطمة؛ فهي واحدة من أشهر
التميمات أو التعويذات المعروفة في المجتمعات والثقافة الإسلامية، وتعرف باسم (يد
فاطمة).
·
سُميت بذاك الاسم نسبة إلى السيدة
فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
·
وهي عبارة عن كف متلاصقة الأصابع،
تُصنع من الذهب، أو الفضة، أو النحاس، أو العاج، أو غيرها من المواد المعدنية،
وتعلق على مكان بارز من الجسم (العنق في الغالب)؛ حتى تكون في مرمى بصر الآخرين؛
لتُبطل مفعول كل عين شريرة وحاسدة.
أسماء مختلفة ليد فاطمة
توصلنا إلى العديد
من الأسماء المستخدمة لهذه اليد السحرية التي تدرئ الحسد والعين عن صاحبها كما
يعتقد الناس؛ وأبرز تلك الأسماء ما يلي:
·
يد فاطمة (أكثر الأسماء شيوعًا في أغلب
الثقافات)
·
يد مريم (الثقافة اليهودية)
·
كف مريم (مسيحي سورّيا)
·
تميمة يد فاطمة (في الثقافة المغربية)
·
يد موسى (عند بني إسرائيل قديمًا)
·
الخمسة أو الخميسة (في اللغة أو
الثقافة المصرية)
·
Hamesh (بالعبرية)
الحكاية
من زاوية مختلفة
اخترنا لكم زاوية جديدة وربما تكون
مختلفة لم يتطرق لها الكثير في الحديث عن قصة وتاريخ يد فاطمة؛ وتكمن في سؤال ربما
لم يلاحظه الكثيرون؛ وهو لماذا أسماء النساء هي المستخدمة في الغالب لدرء الحسد
وحجب العين؟
·
بالنظر إلى الثقافات القديمة بمختلف
جنسياتها، سنجد أن النساء والأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بالعين.
·
ولذلك، فهم يحتاجون لقوة مضادة لهذه
العين وذاك الحسد؛ لحمايتهم من الإنس والجن.
·
وهو ما ترتب عليه اختيار شخصية نسائية
لها رمزيتها المقدسة ضمن الثقافات القديمة.
·
أما بالنسبة للمسلمين؛ فقد اقتبسوا رمز
اليد المفتوحة من الثقافات القديمة، ولكنهم استبدلوا الرمز الوثني برمز آخر له
معنى وقدسية عنهم.
·
وبذلك أصبحت يد فاطمة الزهراء رضي الله
عنها؛ هي رمز المسلمين الجديد؛ لحماية الطفل والمرأة في الثقافة الإسلامية.
·
وهكذا، تم تناقل يد فاطمة إلى
الديانات الأخرى؛ والتي بدورها استبدلت اسم (فاطمة) باسم آخر؛ كل حسب ديانته.
الخلاصة..
·
وفي نهاية فقرتنا لم نرد أن نتطرق
للحديث عن أصل يد فاطمة تاريخيًّا؛ فكما ذكرنا في البداية أن الأقاويل قد كثرت في
هذا الشأن واختلفت، وحتى وقتنا هذا لم يوجد دليل على أن يد فاطمة تؤول إلى ثقافة
بعينها أو ديانة معينة أو شعبًا بذاته.
·
ولكن معظم الآراء أشارت إلى أنها ترجع
إلى فترة ما قبل الميلاد؛ منذ أيام الفراعنة والمصريين القدماء؛ لما وجده علماء
التاريخ والآثار من رسم لتلك اليد على جدران المعابد والمقابر الخاصة بهم.
العبرة..
·
نخرج من هذه الفقرة بعبرة وعظة قيمة جدًّا؛
وهي أن يد فاطمة في نهاية المطاف ما هي إلا بدعة ابتعها الناس منذ قرون، والثابت
الذي لا خلاف عليه؛ هو أن الله وحده سبحانه وتعالى وحده الحامي والحافظ من كل عين
وحسد وشر.
·
لذلك، نبدأ أي عمل بقول باسم الله،
وليس باسم يد فاطمة، ونعلق آيات من القرآن الكريم والأذكار؛ بل ونرددها دائمًا؛
فهي الحافظة لنا من كل حاسد أو حاقد.
