• الجنس الآخر في ريادة الأعمال السعودية

    نماذج مقالات شخصية


    بمجرد قراءتك لهذا العنوان قد يظهر لك شيءٌ عظيمٌ خلف هذه السطور، بل ربما تكاد تجزم بذلك؛ لتعدد قضايا المرأة، وكثرة طرحها ونقاشها في مختلف الوسائل، وهي بالفعل عظيمةٌ كما وصفْتها، بل ربما تقف خلف كل إنجازٍ عظيم، ألا يقال وراء كل رجل امرأة عظيمة؟ فمن هذا المنطلق يمكننا القول والتسليم بأنّ وراء كل اقتصاد ناهض ورؤية مستقبلية ناجحة ومثمرة.. امرأةٌ أيضًا، فماذا وإن كانت المرأة السعودية هي بطلة موضوعنا اليوم!

    فالمرأة السعودية (بالتحديد) تختلف عن بقية النساء، كما تختلف بصمتها وأثرها في عالم ريادة الأعمال، ولهذا السبب تدرك المملكة العربية السعودية أهمية الاستثمار في قدرات النساء السعوديات وتمكينهن من تأمين غدٍ أفضل لأنفسهن والمساهمة في تطوير الاقتصاد وتنمية المجتمع السعودي.

    ولطالما كانت المرأة السعودية جزءًا أساسيًا من منظومة المجتمع والاقتصاد في المملكة، ولم تغب عن المشهد منذ بدايات تأسيسها، ولطالما أدركت القيادة السياسية أهمية الدور الذي تلعبه المرأة السعودية في تطوير كثير من الأعمال التي صُبِغَت في بداياتها بالطابع النّسَوَي، وتطورت مع الوقت لتصبح رائدة الأعمال السعودية أكثر جرأة في اقتحام معترك الأعمال في جميع القطاعات دون استثناء.

    وقبل الولوج إلى دور المرأة البارز وما تركته من بصمات وآثار فعّالة في المجتمع السعودي بوجه عام وفي قطاع ريادة الأعمال بوجه خاص، وجب لفت الانتباه إلى أن للمرأة دور كبير في إعلاء النهضة العلمية في المجتمعات، فهي شريكةٌ للرجل في الحياة وبناء المستقبل، ولذا فإن دورها لا يقل أهمية عن دوره.

    وقد أثبتت التجربة أن المرأة قادرة على أن تكون عضوًا منتجًا في مختلف الميادين، وقد نجحت في التوفيق بين العمل خارج المنزل وبين رعايتها لأسرتها وبيتها.

    فاليوم أصبح عمل المرأة تلبية لضرورة اقتصادية، فالبلدان التي لا توظف قدرات الجنس الآخر في مجتمعاتها (أي النساء)، فإنها بذلك تهدر مواردها البشرية وتُضعف احتمالات تنافسيتها الاقتصادية، حيث إن أخذ قدرات المرأة بعين الاعتبار وتوظيفها بالشكل المناسب يعدان إحدى الركائز الأساسية للسياسات الاقتصادية والتنموية في المجتمعات الأكثر تطورًا اقتصاديًا.

    وعلى جانبٍ آخر، لابد أن نقف وقفةً ذات معنى، ونتساءل.. هل بلغت مشاركة المرأة السعودية في ريادة الأعمال المستوى المقبول بالنظر إلى حجم المملكة وشعبها وحجم سوقها وإمكاناتها الاستثنائية؟

    وللإجابة عن هذا التساؤل دعونا نأخذكم في جولة قصيرة عن رؤية السعودية 2030، وتسليط الضوء على دور المرأة السعودية وحجمها في هذه الرؤية المستقبلية.

    حيث يشهد عالم ريادة الأعمال في السعودية تطورات وتغييرات كثيرة في السنوات القليلة الماضية مع تزايد الاستثمارات في الشركات الناشئة، ويعود هذا النمو المضطرد لكون أحد أهداف رؤية 2030 يرمي لبناء اقتصاد مزدهر من خلال تعزيز عمل الشركات الناشئة والاستثمار فيها.

    فلا تقتصر رؤية السعودية لسنة 2030 على التركيز على رفع مستوى ريادة الأعمال وزيادة فرص المشاريع، بل ترمي أيضًا إلى رفع مستوى مشاركة وإشراك المرأة في النواحي المختلفة للاقتصاد.

    ولا أجد أبرز من "سارة السحيمي" كمثالٍ يُحتذى به في هذا الشأن وتحديدًا في عالم الاقتصاد السعودي، والتي تولت منصب رئيسة البورصة أو المديرة التنفيذية، فهي أول امرأة سعودية تترأس البورصة السعودية، التي تُعد أكبر سوقًا للأوراق المالية في منطقة الشرق الأوسط، وبالطبع لم نغفل على أن تكون سارة السحيمي المرأة الوحيدة في صفوف الكثير من السيدات السعوديات المؤهلات لهكذا مناصبَ إداريةٍ رفيعةٍ المستوى.

    وعلميًا..

    كشفت الأبحاث التي تجريها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن أنه يمكن ضخ مليارات الدولارات للاقتصاد العالمي عبر خلق بيئة مواتية لتمكين للمرأة، وزيادة أعداد النساء في قوة العمل وفي ملكية الشركات، إضافةً إلى تطوير إنتاجيتها، وهذه الجهود لا بد أن تُسهم في انتعاش الاقتصاد الوطني وترفع القدرات التنافسية للدول بشكل عام.

    وعمليًا..

    بدأت الشركات السعودية تستقطب الكفاءات من السيدات السعوديات المتعلمات اللائي يمثلن أنموذجًا مشرفًا يُحتذى به، ففي شركة (القدية) مثلًا، باتت المرأة تشكل 21% من عدد الموظفين، وستزداد هذه النسبة مع تقدم وتطور المشروع، حيث تشغل السيدات مناصب متعددة ويقمن بدورهن على أكمل وجه، ويساهمن في بناء هذا المشروع الوطني الضخم الذي سيعود بالخير والفائدة على أبناء وبنات الوطن كافة، وهو اتجاه وضعته المملكة نصب عينيها في رؤيتها الجديدة.

    كما تهدف رؤية 2030 إلى رفع مساهمة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30% بحلول عام 2030، من خلال تخفيف القيود على المرأة وتوفير مزيد من الحقوق لها سواء على الصعيد الاجتماعي أو في مجال العمل، وهي أمورٌ من شأنها رفع نسبة النساء العاملات في المملكة، والذي يُعدّ أحد أهداف الرؤية السعودية الهادفة لخفض الاعتماد على النفط، المصدر الرئيسي للدخل حاليًا.

    ولعلّ أهم التساؤلات التي تُطرح اليوم حول مشاركة المرأة السعودية في قطاع الأعمال تدور حول الفرص التي باتت متاحة للمرأة في إطار رؤية 2030، وما تقدمه هذه الرؤية من آفاق جديدة وفرص واعدة للباحثين والباحثات عن إنشاء أعمالهم الخاصة وتطوير رواد الأعمال لمشاريعهم القائمة.

    فالباحثين عن الريادة لا يمكنهم التوقف عند سقف محدد لطموحاتهم، وعلى مدى سنواتٍ طوال أثبتت المرأة السعودية أنها قادرة على استلهام التجارب العالمية المتنوعة في ريادة الأعمال، وابتكار أساليبها الخاصة في وضع رؤى إدارية وتسويقية تتناسب مع طبيعة المجتمع والثقافة والسوق السعودي، وشاركت جنبًا إلى جنب مع الرجل في تطوير كثير من الأفكار والرؤى، وامتلكت خزينًا تراكميًا معتبرًا على صعيد الخبرة والممارسة والتنفيذ في الإدارة والعمل، بل وتبوأت كثيرًا من المناصب الإدارية العليا، وحازت كثيرًا من التحصيل العلمي الذي مكّنها من التفاعل مع ريادة الأعمال بشكل منهجي ومدروس.

    لذلك نجد أنّ الفرصة مهيأةٌ للمرأةِ لكي تكون شريكًا كاملًا في التنمية ومحركًا رئيسيًا لها دون وجود سبب يمنعها من المشاركة في تحقيق ذلك.

    وإذا أردنا أن ننهض بمجتمعنا أسوة بالآخرين، ونواكب تطورات العصر، بل ونكون السباقين لصناعة مستقبل أقوى وأكثر إشراقًا ونهضةً، لا بد لنا من إتاحة مجالات أوسع أمام تعليم المرأة والعمل على تمكينها بصورة أفضل لتكون أكثر فاعلية ومساهمة في بناء المستقبل.

  • العنوان

    مصر-الجيزة،مدينة 6 أكتوبر

    البريد الإلكتروني

    anasmostafa1994@gmail.com

    أرقام التواصل

    1117575818 (+20)
    1008598991 (+20)