• من سطو في البحار إلى سطو على الأفكار!


     

    من سطو في البحار إلى سطو على الأفكار!

    من سطو في البحار إلى سطو في العالم الافتراضي، ومن سطو في العالم الافتراضي إلى سطو في شتى أمور حياتنا؛ تلك هي القرصنة أيها المشاهدين!

    فنحن إذْ أننا على أعتاب عام 2021م، ولا زالت القرصنة مستمرة وموجودة في شتى بقاع الأرض، ولكن في عباءتها الجديدة، فالقرصنة كالحرباء تمامًا، تغير من لونها وشكلها وفق تغيرات الظروف الحياتية والتطورات التكنولوجية التي نعاصرها يومًا بعد الآخر في أزماننا تلك.

    واليوم.. جئنا لنقدم لكم موضوعًا يلمس حياة كل فرد على هذا الكوكب، موضوعًا بإمكانه تدمير حياة أناس بأكملها، ولن نبالغ إن قلنا أنّه موضوعٌ لن يقل خطره عن الحروب العالمية والكيميائية المدمرة؛ وهو موضوع القرصنة.

    في حلقتنا اليوم من برنامج "قهوة حدوتة" للموسم الثاني، نستعرض معكم تاريخ هذه الجريمة، وأبرز ما أحدثته على مدار عصور فائتة، ومن ثم ننتقل للحديث عن أثرها الذي لا زال وقد يظل موجودًا حتى وقتنا هذا.

    ونبدأ معكم حدوتنا بالرجوع إلى الوراء لعشرات القرون، حيث كانت بداية القرصنة من هنا...

    ·      جراء بحوثنا التي قام بها فريق إعداد البرنامج؛ توصلنا إلى أنّ تاريخ القرصنة يعود إلى أكثر من 3000 عام، واستخدم الكلمة لأول مرة المؤرخ الروماني "بوليبيوس".

    ·      أمّا عن أقدم تعريف للقرصنة؛ فقد ظهر على يد المؤرخ اليوناني "بلوتارخ"؛ والذي وصف القراصنة عام 100 بعد الميلاد بأنهم الذين يهاجمون الناس دون سلطة قانونية.

    ·      أما عن الأدلة والبراهين، فنجد أنّ الحفريات والأدلة التاريخية المعروفة هي أبرز ما وثق وجود القراصنة منذ القدم في كل أنحاء العالم، وأشهر ما تم العثور عليه كان نقشًا على لوح طيني يعود لعام 1350 قبل الميلاد، لسفينة قراصنة في شمال إفريقيا تحديدًا.

    ·      كما وثق التاريخ محاربة الملك المصري رمسيس الثالث، أشهر حاكم في الأسرة العشرين قبل الميلاد للقراصنة.

    ·      وعرف العالم فئات عدة من القراصنة، ولكن أكثر طائفة منهم استمرت في ذاكرة العالم هم الفايكنج أو الاستثنائيون الذين نهبوا أوروبا قبل ألف عام، وتلاعبوا بإنجلترا وفرنسا وألمانيا وأيرلندا وإيطاليا وروسيا وإسبانيا.



    القرصنة تفرض نفسها أكثر فأكثر.. ولكن في أشكال جديدة!

    ·      بالرغم من انفراد القرصنة البحرية بأغلب تاريخ القرصنة، فإن القضية متشعبة بشدة وتوجد لها فروع شتى؛ اقتصادية، وثقافية، ورقمية، والأخيرة هي الأكثر شيوعًا في عالمنا اليوم وبأشكال مختلفة.

    ·      فكما كانت الحكومات تتعاون مع القراصنة للسطو على سفن بلدان أخرى وتدمير قوتها الاقتصادية، تتورط الآن بعض الحكومات في أعمال القرصنة الإلكترونية.

    ·      وتشكل وحدات خاصة لها من أجل اختراق المعلومات والمواقع في البلدان المعادية لها، أو حتى داخل البلدان للتجسس على النشطاء والسياسيين والمعارضين، وغيرها من مظاهر حروب التكنولوجيا.

    ·      كما تتنافس عصابات "الهاكرز" أو قراصنة الإنترنت في سرقة البرامج والنّسْخِ غير المصرح به للبرامج المحمية بحقوق التأليف والنشر، والغريب أن هذه الأعمال المخالفة للقانون، تكسب مليارات الدولارات سنويًا حول العالم، ما جعلها قادرة على فتح منازل مئات الآلاف من البشر، وتوفر وظائف لا حصر لها!

    ·      أما القرصنة الثقافية، فهدفت دائمًا إلى سرقة ممتلكات الشعوب وتراثها التاريخي والفني والمعماري، وخاصة في منطقة الشرق خلال حقبة الاستعمار التي استمرت طويلًا.

    ·      وإلى جانب هذه القرصنة، هناك نوع آخر يهدف إلى مراقبة العادات الثقافية لشعوب دولة ما، ونسخها ونقلها إلى بلاده، وعلى رأسها الموضة وتسريحات الشعر والموسيقى؛ وهو ما يتماشى مع مفهوم العولمة أو ما يأتي في عباءة العولمة.

    ·      عرف العالم كذلك على مدار العقود الماضية، توغل "قرصنة الترفيه" والسطو على حقوق الملكية الفكرية وتسريب أفلام السينما ومقاطع الموسيقى والدراما.

    ·      ولهذا طورت الجهات المعنية في العالم من أدواتها للسيطرة على حرب الملكيات الفكرية، وربما ما يضعف مجهوداتها حتى الآن في مواجهة مافيا تتوحش بشدة عام بعد الآخر، منظومة القوانين الدولية والأداء البيروقراطي للأمم المتحدة، وضعف سيطرتها على بلدان العالم؛ لإلزامها بجهود مشتركة لمكافحتها.

    ·      وفي عام 1982م، عرفت منظمة الأمم المتحدة مفهوم القرصنة عمومًا بأنه: (كل عمل عنفي أو جرمي، أو سلب أو حجز، يُرتكب لغايات خاصة بواسطة طاقم أو ركاب باخرة خاصة أو طائرة، تُوجّه نحو أعالي البحار لاعتراض باخرة أو طائرة أخرى، أو ضد أشخاص أو أملاك على متن هذه الباخرة أو الطائرة).



    هل نحن مقرصنون حقًا؟

    لن نتمكن من الإجابة على هذا السؤال إلا بعد أن نعرف التطور الذي حدث لعملية القرصنة، حتى وصولها إلى كل بيت في العالم تقريبًا.

    ·      فقديمًا، كانت القرصنة عبارة عن عملية سطو تتم في البحار أو على الشواطئ من دون إذن دولة بعينها أو أخذ موافقتها.

    ·      ولكن حديثًا، تطورت هذه المفاهيم واندمجت بأفعالها التي واكبت ما وصل إليه العالم اليوم من تطورات تكنولوجيا؛ لتتلخص في كلمتين؛ (القرصنة الإلكترونية/الرقمية).

    ·      والقرصنة الإلكترونية: هي عملية اختراق لأجهزة الحاسوب تتم عبر شبكة الإنترنت أو عبر شبكة داخلية يرتبط بها أكثر من جهاز، إذ يعتمد القراصنة على إيجاد ضعف أو ثغرة ما في أنظمة الحاسوب أو الشبكة بغية استغلالها، ويمكنهم بواسطة برامج مساعدة اختراق حاسوب آخر والتجسس عليه وسرقة بياناته، وتخريب ملفاته والتحكم ببرامجه.

    ·      وفي عام 1903م كانت المرة الأولى لظهور مفهوم القرصنة الإلكترونية؛ حيث كان العالم الفيزيائي "جون أمبروز فلمنج" يستعد لعرض إحدى العجائب التكنولوجية المستجدة؛ وهي نظام تلغراف لاسلكي بعيد المدى ابتكره الإيطالي "جوليلمو ماركوني"، في محاولة لإثبات أن رسائل شفرة مورس يمكن إرسالها لاسلكيًا عبر مسافات طويلة، وكان ذلك أمام جمهور غفير في قاعة محاضرات المعهد الملكي الشهيرة بلندن.

    ·      وقبل بدء العرض، بدأ الجهاز ينقر مكونًا رسالة، كانت في البداية كلمة واحدة ثم تحولت إلى قصيدة ساخرة بشكل غير لائق تتهم ماركوني "بخداع الجمهور"!

    ·      فقد تم اختراق عرض ماركوني، وكان المخترق هو الساحر والمخترع البريطاني "نيفيل ماسكيلين" الذي قال لصحيفة (تايمز) أنّ هدفه كان كشف الثغرات الأمنية من أجل الصالح العام.

    ·      وأبرز ما جاء في القرصنة الإلكترونية من أرقام وإحصائيات، كان اختراق حسابات 500 مليون مستخدم لشركة "YAHOO"، والتي حدثت في أواخر عام 2014م.

    ·      حيث أكدت شركة "Yahoo" في سبتمبر عام 2016م أنّ بيانات مرتبطة بحسابات 500 مليون مستخدم على الأقل تعرضت للسرقة.

    ·      وقالت الشركة، في بيان، إنها تعتقد أن "الفاعل مدعوم من دولة" ما يعني أن عملية القرصنة نفذها شخص أو أشخاص لحساب حكومة ما.


    إحصائيات قد تفاجئكم!

    ·      أكثر من 70 مليار دولار كانت خسائر الشركات الكبرى العاملة في مجال البرمجيات الحاسوبية بسبب القرصنة.

    ·      فيما تأتي الخسائر التي تكبدتها الشركات العاملة في مجال السينما لتُقدر بأكثر من 250 مليار دولار؛ أبرزها شركة (هوليوود)، التي تكبدت وحدها خسائر تُقدر بـ 7 مليار دولار.

    ·      وعلى المستوى العربي، تُعتبر مصر من أكثر الدول التي تعاني من القرصنة؛ خاصة قرصنة المحتوى الترفيهي.

    ·      جدير بالذكر، أنّ شركات أدوبي وأبل ومايكروسوفت وسيمانتك من أكثر الشركات تعرضًا للقرصنة البرمجية.

    ·      وحسب إحصاءات منظمات واتحادات الملكية الفكرية؛ فإن دول اليمن وليبيا والعراق تتصدر القائمة العربية في قرصنة البرمجيات بنسبة تقارب 91%.

    ·      وما قد تعجبون له؛ هو أنّ 70% ممن استُطلعت آرائهم في القرصنة بين الشباب؛ لا يعتبرونها جريمة!

    ·      غير أنّ 67% من المواقع المستهدفة من قبل القراصنة تتواجد في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية.

    ·      وتصل نسبة الاستخدام العام للإنترنت المخصص للقرصنة إلى 22% تقريبًا.

    ·      كما أنّ أكثر من 50% من البرامج المستخدمة في العالم مقرصنة.

    ·      وما لا يعلمه الكثيرون؛ هو أنّ فيلم "أفاتار Avatar" يُعد من أكثر الأفلام التي تعرضت للقرصنة، حيث تم تنزيل ما يقرب من 20 مليون نسخة غير قانونية منه على الإنترنت.

    ·      ومن الأرقام المدهشة أيضًا، أنّ عدد الحوادث المتعلقة بالأمن الإلكتروني يتراوح ما بين 80 – 90 مليون حادثة سنويًا.

    ·      أضف إلى ذلك أنّ نسبة 40% من ضحايا الجرائم الإلكترونية تعرضوا لعمليات احتيال مرتبطة ببطاقات الائتمان بأنواعها المختلفة.

    ·      وكمعدل، فإن مجرمي الإنترنت لديهم حوالي 200 يوم قبل أن يتم اكتشاف هجماتهم.

    ·      ولحسن حظ القراصنة، فإن 70% من الهجمات الإلكترونية لا يتم اكتشافها ويبقى فاعلوها مجهولين.

    ·      والمضحك في الأمر أنّه لا تزال كلمة مرور 123456 هي الأكثر شيوعًا بين المستخدمين الذين تعرضوا لاختراق إلكتروني خلال عام 2015م.

    ·      جدير بالذكر أيضًا، أنّ الشبكات الاجتماعية المختلفة تعتبر الهدف المفضل بالنسبة للقراصنة لمهاجمة الضحايا.

    ·      ناهيك عمّا ترصده شركة مايكروسوفت يوميًا لأكثر من 10 ملايين محاولة لمهاجمة خدماتها المختلفة.

    وفي الختام...

    نترك لكم التعليق حول..

    ما هي أفضل الوسائل المناسبة من وجهة نظركم، والتي تعمل على حماية أحسبتكم الإلكترونية والحاسوبية من عملية القرصنة؟

    وهل نحن مقرصنون الآن أم أنّ الدور لم يأت علينا بعد؟!

     
  • العنوان

    مصر-الجيزة،مدينة 6 أكتوبر

    البريد الإلكتروني

    anasmostafa1994@gmail.com

    أرقام التواصل

    1117575818 (+20)
    1008598991 (+20)