(باتا، عمر أفندي، صيدناوي، كولونيا 555، اللبان السحري، شوكولاتة جيرسي، اللوليتا)
برندات وماركات مصرية أصلية اندثرت بمرور
الزمن واختفت من منازلنا ومن الأسواق والأكشاك الصغيرة التي كنا ولا زلنا نشتري
منها.
فهل سألتم أنفسكم يومًا لماذا اختفت؟ وما
حكايات هذه البرندات؟ وبماذا تذكركم هذه البرندات من تفاصيل وحكايات قديمة في
طفولتكم؟
كل هذه الأسئلة نجيب عليها واحدًا تلو الآخر
في موسمنا الثاني من برنامج "قهوة حدوتة"، تابعونا لنسترجع معًا
ذكرياتنا الجميلة التي نود لو أن يرجع الزمان لنعيشها من جديد.
في البداية دعونا نذكركم أن اليوم
هو 15 من يناير؛ وهو تاريخ لذكرى ميلاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فمن هو؟
وما علاقته بهذه الماركات المصرية القديمة؟
·
ولد جمال عبد
الناصر في 15 من يناير لعام 1918م؛ ويعد هو الرئيس الثاني بعد زوال حكم الملك
فاروق.
·
وفي ذكرى
ميلاده نستعرض معكم إحدى القضايا الشائكة، والتي دار وسيظل عليها تباين الأفكار
والآراء؛ وهي قضية التأميم.
·
والتأميم لمن
لا يعلم؛ هو
نقل ملكية قطاع معين إلى ملكية الدولة؛ أي تحويله إلى القطاع
العام.
·
ولكن حديثنا
هنا يدور حول تأميم الماركات/البرندات المصرية تحديدًا، والتي انقسمت آراء
المصريون على إثرها؛ ففريق يرى أنه قرار صائب وفي صلب التطور والركب الحضاري
والصناعي والتجاري لمصر.
·
وفريق آخر يرى
أنه جاء بالسلب على بلادنا، وباندثار العديد من الماركات الموجودة في مصر آنذاك.
ومن هذا المنطلق، نقدم لكم حكايات مختصرة لأشهر الماركات التي تم تأميمها
بقرار سيادي من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تاركين لكم التعليق في النهاية على
هذا القرار.
فإلى حكايتنا التي تبدأ بـالماركات الغير
مصرية، ولكنها أدخلت إلى مصر وطبق عليها قرار التأميم، وهي:
ماركة باتا
«يا حلاوتك يا صندلي.. من باتا اجري واشترى»، جملة تذكرنا بالحملات
الإعلانية والدعائية القديمة لماركة باتا التي دخلت كل بيت مصري بمختلف ثقافاته
ومستوياته المعيشية.
·
وما لا يعرفه العديد من الناس عن ماركة باتا؛ أنها ليست
بعلامة تجارية مصرية خالصة، حيث أنها أسست في عام 1894م في جمهورية التشيك على يد
الإخوة الثلاثة توماس، أنطونين، والأخت أنَّا في محل والدهم البسيط،
واتفقوا على إنشاء مصنع للأحذية يواكب العصر – آنذاك – وقد كان.
·
إذ تم إنشاء
المصنع بمجهود الإخوة الثلاثة، بالإضافة إلى 10 عمال فقط، وكان العمل يدوم طوال
الأسبوع بحيث يتقاضى العمال رواتبهم في نهاية كل أسبوع.
·
وفي ثلاثينيات القرن الماضي (1930:1940م) دخلت أحذية
باتا إلى مصر، وتجامع عليها المصريون؛ نظرًا لأسعارها المتوسطة، وجودتها العالية،
مع أناقتها الجميلة ومتانتها القوية.
·
جدير بالذكر،
أنّ باتا دخلت موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية عندما باعت 14 بليون حذاءً بوصفها
«أكبر شركة لبيع الأحذية وصنعها».
·
وفي الوقت
الذي كانت فيه «باتا مصر» في أوج نجاحها، أعلن الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر عن تأميم
الشركة في مصر عام 1961م؛ لتنفصل «باتا مصر» عن الشركة الأم في التشيك مع احتفاظها
بالاسم التجاري «باتا».
·
وبعد تأميم
شركة باتا في مصر، استمرت الفروع في عملها على أمجاد اسم «باتا» والنجاح الذي حققه
الأخوة الثلاثة في جميع دول العالم، وصُنفت كإحدى الشركات التابعة للشركة القابضة
للصناعات الكيماوية، وتعمل في إنتاج وتوزيع الأحذية.
·
وفي عام 2006م
أعلنت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، عن خطة لإعادة هيكلة شركة «باتا»
والوصول بها إلى نقطة التوازن بعد فشل مفاوضاتها مع الشركة الأم؛ لطلبها تعويضًا
عن التأميمات التي لحقت بفروعها في مصر عام 1961م.
·
ونظرًا للظروف
الصعبة التي مرّت بها الشركة والخسائر المتكررة التي لاحقتها، قامت الشركة القابضة
بتقليص الأنشطة التجارية للشركة عن طريق الاستغناء عن الفروع الخاسرة، وإتاحة
الفرصة أمام العاملين للخروج على المعاش المبكر، وبيع بعض خطوط الإنتاج التي لا
يتوقع أن يحقق تشغيلها أي ربحية.
·
وبدأت في الاقتراض لشراء آلات جديدة، ولم يترتب على
ذلك أي تغيير جذري في أداء الشركة، حيث تمت تصفية 186 فرعًا منذ عام 1996م ولم
يتبق سوى 126 فرعًا فقط؛ وهي لا زالت في تقلص حتى وقتنا هذا!
سلسلة محال عمر أفندي
·
تأسست
محلات عمر أفندي عام 1865م، وكانت تحت اسم «أوروذدى باك» في منطقة شارع عبد العزيز
بالقاهرة؛ كي يلبي احتياجات العاملين من مصر والأجانب أيضًا.
·
وفي
عام 1900م، افتتحت الشركة أكثر من 60 فرعًا على مستوى مصر، وكان صاحب هذه المحلات
يدعى «أودلف أوروذدى»، وكان يعمل ضابطًا بالجيش المجري.
·
وأصبحت
«أوروذدى» في الانتشار وجذب الزبائن بسبب تعادل أسعارها، كما أنها كانت تبيع كل ما
يحتاجه المرء من مستلزمات منزلية وأجهزة كهربائية وأقمشة وغيرها.
·
وفي
عام 1920م تم بيع «أوروذدى» بكل فروعه لرجل ثري مصري يهودي، حيث قام بتغيير اسم
المحل ليصبح تحت اسم «عمر أفندي».
·
ولكن ما إن حل عام 1957م، إلا وفوجئ المصريون بتأميم
سلسلة عمر أفندي من قبل الحكومة المصرية برئاسة
جمال عبد الناصر.
·
ونتيجة
لخسائر تلك الفروع، تمت خصخصة «عمر أفندي» عام 2007م، وقد بلغ عدد فروعه آنذاك 82
فرعًا و68 مخزنًا.
·
كما قامت
الشركة القابضة للتجارة ببيع «عمر أفندي» في صفقة أثارت جدلًا كبيرًا عام 2006م
لشركة سعودية؛ وهي شركة «أنوال» لصاحبها رجل الأعمال السعودي «جميل القنبيط» بمبلغ
589 مليون جنيه تقريبًا.
·
حيث تم
بيع 90% من أسهمها ولكن بشرط عدم تصرف الجهة المشترية في مبنيي المتجر الرئيسي
لعمر أفندي في القاهرة والمتجر الرئيسي في الإسكندرية.
·
ولكن، في
عام 2006م تم الاحتفال بمرور 150 عامًا على سلسلة «عمر أفندي»، إلى أن أعادته الحكومة
المصرية مرة أخرى بعد منازعات قضائية وتسويات مع المستثمر السعودي قبيل ثورة
يناير.
ولم يقف التأميم عند الشركات الأجنبية فحسب، بل طال أيضًا شركات مصرية
خالصة، نتناول حكايتها في الجزء الثاني من حلقتنا:
محلات صيدناوي
·
هي محلات يملكها سليم وسمعان صيدناوي؛
وهي شركة مصرية خالصة، تأسست عام 1913م بمنطقة "الخازندار" بحي الموسكي،
وتم تأميمها في الستينيات.
·
وقد
نشأ مبنى صيدناوي على مساحة 8530 مترًا، وعدد فروعه 70 فرعًا على مستوى مصر و65
مخزنًا، حيث كان سمعان مؤسس محلات صيدناوي يمتلك محلاً صغيرًا للخردوات في منطقة
الحمزاوي بحي الأزهر، وقد حضر شقيقه الأكبر سليم وقام بمشاركته في ذلك المحل
الصغير.
·
وتعاون
الشقيقان وعملا بجهد واجتهاد إلى أن توسعت تجاراتهما وأصبح المحل الصغير لا يتسع
لكل تلك البضائع التي كانا يحضرانها لتلبية طلبات الزبائن فقاما بشراء منزل صغير
بميدان الخازندار.
·
وقاما
بهدم المنزل وبناء محل مكانه أكبر من المحل الصغير، وبعد توسع شديد لهما في
التجارة قاما بهدم المحل وبناء تحفة معمارية عبارة عن أربعة أدوار لبيع كل ما
يحتاجه المرء من مستلزمات وأقمشة وغيرها.
·
وتم
افتتاح هذا الصرح تحت اسم «سليم وسمعان صيدناوي» عام 1913م.
·
وبعد
ثورة يوليو تحديدًا تم تأميم مِحال «صيدناوي» لتصبح شركة مساهمة مصرية.
كولونيا 555
· أكثر ما يمكننا وصفه لهذه الماركة المصرية
الأصيلة، أنها من أروع النماذج التي يمكن لرواد الأعمال الاقتداء بها كقصة كفاح قوية.
· بدأت كولونيا 555 حدوتها في شوارع الموسكي حين
خرج الشاب حمزة من قرية شبراويش لا يحمل شيئًا سوى ذائقة فريدة وموهبة في صنع أساسيات
العطور.
· وهي علامة تجارية تؤول ملكيتها في الأصل إلى حمزة
الشبراويشي، والذي افتتح محلًا صغيرًا لبيع العطور المصنوعة بيديه، وتوالى بعد ذلك
فرعًا في الموسكي ثم وسط البلد.
· ثم اشترى قطعة أرض في دار السلام ليتحول إلى مصنع
وتوسع فيه، وكان يزرع بنفسه الليمون الذي يستخدمه في الكولونيا.
· وأبرز ما ذكر في قصة
التأميم أنه في كل مرة كانت توضع أمام عبد الناصر قوائم
بأسماء ستخضع لقرار التأميم، كان ناصر يشطب على اسم حمزة الشبراويشي، ولا يلتفت
إلى وشاية أو تقرير أمني.
· حيث كان يؤمن أنّ الشبراويشي رجل عصامي وليس
إقطاعيًّا، ويمثل مصر بصناعة وطنية، فمنتجاته في كل بلد عربي، في مصر تحمل اسم
555، وفي السعودية تحمل اسم سعود، وفي السودان تحمل صورة مطربهم الأشهر عبد الكريم
كرومة.
· وكانت بطلة الإعلانات
الأولى لهذا المنتج هي المطربة أم كلثوم.
· جدير بالذكر أيضًا، أنّ
عبد الناصر كان يحمل كولونيا 555 في حقيبته، وذلك حينما تم تفتيش أحد موظفي
الرئاسة حاملي حقيبة الرئيس في إحدى المؤتمرات آنذاك.
·
وفي نهاية عام 1965م، أصيب الشبراويشي بجلطة، سافر
سويسرا على إثرها لتلقي العلاج، وكان متابعًا لقرارات التأميم أولًا بأول؛
اعتقادًا منه أنّ الدور سيأتي عليه لا محالة
·
فلم يكن يعلم أنّ عبد الناصر يستبعده دائمًا من تلك
قرارات، ولكنه خاف من أن يخسر مثل أصحاب بعض الصناعات، فقرر
أن تكون العودة إلى بيروت بعد الشفاء.
·
وهنا
كانت الوشاية مكتملة الأركان بأنّه يصفي أعماله في مصر، فقرر عبد الناصر فرض
الحراسة على الممتلكات وعرضها للبيع.
·
وبقي
في لبنان حتى توفي في نهاية الستينيات، وعاد ليدفن في مصر.
·
وبعد
فرض الحراسة بسنوات؛ تحول منزل الشبراويشي إلى منزل للسفير الإسرائيلي منذ العام
1980م، وهُجِّرَ مصنع دار السلام.
وإذا كان التأميم قد طال بعض الشركات المصرية
والأجنبية قديمًا، فهذا لا يمنع أنّ هناك ماركات مصرية تذكرنا بأيام طفولتنا
الجميلة؛ ومنها:
اللبان السحري
·
"اللبان
السحرى" و"اللبان المدور"، برغم أنه كان يصعب علينا مضغه أحيانًا؛
إلا أننا كنا نحبه؛ لأنه كان اللبان الذي نستطيع به أن نصنع بلونة كبيرة، ونتباهى
بها أمام أصدقائنا.
·
وكان سعره
زهيدًا جدًّا؛ حوالي عشرة قروش فقط!
شوكولاتة جيرسي
·
وهي واحدة من
أشهر أنواع الشوكولاتة التي كنا نحبها؛ فهي عبارة عن جوز الهند، ومغطاة بالشوكولاتة.
·
وكان لها
إعلان مشهور نتذكره حتى الآن؛ وهي بنات على هيئة قطط يرددن أغنية "بستك بستك
بستك نو.. شوكولاتة جيرسي واكلة الجو".
اللوليتا
·
وهي من
الأشياء المفضلة في طفولتنا بكل أطعمتها المختلفة، كانت سعر الواحدة لا تتعدى العشرة
قروش.
·
وبعدما نأكلها،
نملأ الأكياس مياه ونرشها على أصدقائنا.
·
وأحيانًا كنا
نصنع بأكياسها خدعًا سحرية؛ كأن نعمل بها أصوات غريبة.
·
ثم تطورت
صناعتها وأصبحت توضع في بلاستيك على هيئة موبايل محمول؛ ليصبح سعرها 25 قرشًا.
وفي نهاية حلقتنا..
نترك لكم سؤالًا مفتوحًا
حول آرائكم عن فكرة التأميم.
فهل كانت فكرة صائبة في
هذا الوقت وفي صالح البلاد، أم كان توقيتها خاطئًا أو لم تصب في مصلحة بلادنا بأي
حال من الأحوال؟
![]()
![]()
ننتظر مشاركاتكم وتعليقاتكم في التعليقات أسفل الفيديو
