أحيانًا تكون حساباتنا خاطئة؛ سواءً في
أمور الحياة عمومًا، أو حتى في أمور أعمالنا على وجه الخصوص، فقد نعتقد أنّ هذا
الشخص هو الأجدر بذاك المنصب أو هذه الوظيفة، دون أن نسأل أنفسنا هل هو خباز هذه
المهمة؟ أو هل هو على قدر تلك المسؤولية أو خبيرًا في تلك الأمور؟
من أكثر الظواهر التي نلاقيها في
حياتنا بشكل متزايد؛ هو التسرع وعدم اختيار المناسب للمهمة المناسبة؛ وهو ما يعني
إما محسوبية وإما قلة خبرة وحيلة، وكلاهما سيأتي بأضرار كبيرة على صانعي ومتخذي
القرار بشكل عام.
وراء تلك السطور قصة مثل وحكاية تتحاكى
بين الناس؛ وهي سبب وجود هذا المثل، الذي انتشر كثيرًا على ألسنتنا، حتى بدنا
نتساءل عن أصله ومعناه، ومن أين جاء؟
الحكاية في سطور:
· تدور
حكاية المثل عن قصة مفادها أنّ خبازًا مسنًا كان لديه صانعٌ شاب، وكان هذا الشاب
محطّ ثقة الخباز المسن، الذي ما إن تقدم به العمر أكثر حتى قال لصانعه الشاب: يا
بُنّي لقد كبرت ولم أعد قادرًا على إدارة المخبز؛ فأنا أريد منك استلام العمل بذمة
وأمانة.
· وسأعطيك
خبرة فاسمعها يا ولدي: إن لكل من أهل هذا الحي عائلة؛ وهي بحاجة إلى كمية معينة من
الخبز، فلا تسرف يا بني كي لا يبقى عندك بقايا خبز، واعمل لكل عائلة على قدر عدد
أفرادها، لا تزد ولا تنقص رغيفًا واحدًا.
· أمّا
عنّي، أنا فأنا أريد يوميًا أربعة أرغفة، أنا وزوجتي العجوز، ومبارك عليك المخبز
بما فيه.
· وبعد
فترة من تسلم المخبز، أعاد الشاب حساباته في توزيع الخبز، فوجد أنّ الخباز المسن
هو وزوجته لا يحتاجون إلا لرغيفين يوميًا فقط؛ فأصبح يرسل لهما رغيفين بدلًا من
أربعة.
· وبعد
فترة، وبينما الشاب يجول في سوق الحي يريدُ شراء دجاجة؛ استغرب أنّه لا يوجد في
الحي أي دجاج، وعاد ليزور الخباز المسن الذي أصبح راقد الفراش لا يقوى على الحركة.
· فدخل
بيت الخباز لأول مرة في حياته، ووجد زوجته العجوز تطعم دجاجةً واحدة، وكان لديها
قن كبير يتسع لـ 20 دجاجة فقال لها: ما هذا يا خالة أين باقي الدجاج؟
· قالت:
منذ 40 عامًا وأهل الحي يشترون من عندي الدجاج، ولكن كما ترى لا قوّة لي بشراء
الحنطة والقمح من السوق وأعتمد على الأرغفة التي ترسلها لنا؛ فأجفف رغيفين كل يوم
للدجاج، ونأكل أنا وزوجي رغيفين.
· ولكن
حينما قلّ ما يأتيني من خبز لم يعد يكفينا مع الدجاج؛ فأصبحت أقلّل من إطعامهم
حتّى بدأ عددهم يتناقص إلى دجاجة واحدة ادخرتها لنا فلا أستطيع إنتاج دجاج للبيع.
· لقد
حرمت أهل الحي من الدجاج من أجل حساباتك الخاطئة!
فأعط الخباز خبزه، ولو أكل نصفه؟!
عبرة ونصيحة:
والعبرة هنا؛ ليست بالخبز أو الخباز؛
بل بتصرف الشاب الصانع قليل الخبرة؛ فهذا المثل ينطبق على أمور شتى في حياتنا،
وليس على الخبز ومهنة الخباز فقط كما قد تعتقدون.
وفي نهاية فقرتنا، ننصحكم بألا تعطوا
الخبز إلا لخبازه حتى وإن أكل نصفه فقط؛ فما أجمل من أن توكل مهمة أو تطلب طلبًا
من شخص ذي خبرة وعلى دراية تامة بكيفية إدارة هذا الأمر؛ لتحصد وتحصل على أفضل
النتائج والحسابات الدقيقة الصائبة.
