مقدمه
عرف المغرب التحكيم لأول مرة في شكله النظامي منذ صدور قانون المسطرة المدنية لسنة 1913م في بابه الخامس عشر من الفصل 527 إلى الفصل 543.
بعد ذلك صادق المغرب على عدة اتفاقيات دولية وإقليمية وثنائية في هذا المجال ، خاصة منها اتفاقية نيويورك بشأن الأعتراف بالمقررات التحكيمية الأجنبية وتنفيذها، التي اعتمدتها اللجنة الإقتصادية والإجتماعية التابعة لهيئة الأمم المتحدة بتاريخ 10 يونيو 1958م والمصادق عليها بمقتضى القانون رقم 1.59.266 المؤرخ في 19 فبراير 1960م ، واتفاقية واشنطن لسنة 1965م الخاصة بتسوية الخلافات الراجعة للإستثمارات بين الدول ورعايا دول أخرى التي انضمت إليها المملكة ، بمقتضى المرسوم الملكي رقم 564.65 المؤرخ في 31 أكتوبر 1966م، علاوة على اتفاقيات أخرى مع عدة دول تتضمن شرط اللجوء للتحكيم .
وفي إطار الإصلاح القضائي لسنة 1974م ، صدر قانون بتاريخ 28 شتنبر 1974م بالمصادقة على قانون المسطرة المدنية، إ تضمن في بابه الثامن تنظيم مسطرة التحكيم في الفصول من 603 إلى 327 . ونظراً لكون هذا القانون لم يتعرض للوساطة كوسيلة بديلة لفض المنازعات ولم ينظم التحكيم الدولي . إضافة إلى كونه لم يلم بكل قواعد التحكيم مما فسح المجال أمام العمل القضائي ، ومنذ السنوات الأولى لتطبيق هذا النص ، لاعتما الاتفاقيات الدولية التي انضم إليها المغرب بصفة قانونية ، وتطبيق مقتضياتها على النزاعات المعروضة، خاصة في موضوع الاعتراف بالأحكام التحكيمية الأجنبية الدولية وتذييلها بالصيغة التنفيذية .
ومراعاة للتطور الإقتصادي الذي عرفته جل دول المعمور، وما صاحبه من إزدهار للتجارة الدولية وتحريرها ، خاصة بعد توقيع اتفاقية مراكش التي أعلنت عن ميلاد " منظمة التجارة العالمية " والتي دخلت حيز التنفيذ في بداية يناير 1995م ودعت دول العالم إلى الإنخراط في عولمة الاقتصاد ، وتحديث تشريعاتها ، حيث أرفقت هذه الاتفاقية بملحق خاص تحت عنوان " تفاهم بشأن القواعد والإجراءات التي تحكم تسوية المنازعات ، عن طريق التحكيم والتوفيق والوساطة "
واعتباراً لما نص عليه القانون رقم 18.95 الذي يعد بمثابة ميثاق الاستثمارات من تدابير لتشجيع الاستثمار الأجنبي الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 29 نوفمبر 1995م ، ومنها إمكانية فض المنازعات الناشئة عن العقود الدولية للإستثمار عن طريق التحكيم الدولي وفقاً للإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا المجال ( المادة 17 من ميثاق الاستثمارات) .
لكل هذه الأسباب كان من الضروري تعديل المبادئ القانونية المنظمة للتحكيم في قانون المسطرة المدنية بسن قواعد جديدة تنظم التحكيم الدولي والوساطة الاتفاقية ، فصدر القانون رقم 08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية بالجريدة الرسمية بتاريخ 6 ديسمبر 2007م ( الفصول من 306 إلى 70-327) .
إلا أنه بعد مرور أكثر من عشر سنوات على صدور هذا القانون ، وفي ضوء الانتعاش الاقتصادى وتدفق الاستثمارات الأجنبية .
واستجابة للرغبةى الملحة للمستثمرين في تبسيط وتسريع المساطر الإدارية والقضائية في عملية الاستثمار، ومنها مسطرة التحكيم والوساطة ، وسعياً إلى تأهيل القضاء لمواكبة التحكيم من خلال تبسيط مسطرة التذليل بالصيغة التنفيذية والإعتراف بأحكام المحكمين الصادرة فيها .
على هذا الأساس كان من الضروري فصل القواعد المنظمة للتحكيم والوساطة الاتفاقية عن قانون المسطرة المدنية مع إدخال التعديلات اللازمة عليها لتواكب المستجدات التي عرفتها التجارة الدولية ، وفي هذا الإطار تم إعداد مشروع قانون ينظم التحكيم والوساطة .
وقد تم إعداد مشروع هذا القانون وفق منظور جديد يتميز بمجموعة من المستجدات الجوهرية يمكن إجمالها في العناصر الآتية :
1- اعتباراً لكون التحكيم وسيلة من الوسائل البديلة لحل النزاعات تقوم على أساس اليسر في الإجراءات والإبتعاد عن مساطر القضاء الإحترافي ، تم إعتماد خيار عدم إخضاع المحكم لرقابة أي جهة قضائية مع ترك أمر تحديد لائحة المحكمين لنص تنظيمي ( المادة 11) من المشروع) .
2- إسناد الاختصاص لإضفاء الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية، حسب موضوع النزاع ، لرئيس المحكمة الإبتدائية أو رئيس لمحكمة الإدارية أو رئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الإبتدا ئية، أو رئيس المحكمة التجارية ، أو رئيس القسم المتخصص في القضاء بالمحكمة الإبتدائية .
3- منح الإختصاص ، بإضفاء الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية في العقود الإدارية ، لرئيس المحكمة الإدارية أو رئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الإبتدائية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي الداخلي في دائرتها ، أو لرئيس المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني ( المادة 66 من المشروع)، بدل المحكمة الإدارية حسبما كان جارياً العمل استناداً للقانون رقم08.05 وذلك بهدف توحيد جهة الاختصاص المانحة للصيغة التنفيذية في رئيس المحكمة بحسب اختصاصه .
مقدمه
عرف المغرب التحكيم لأول مرة في شكله النظامي منذ صدور قانون المسطرة المدنية لسنة 1913م في بابه الخامس عشر من الفصل 527 إلى الفصل 543.
بعد ذلك صادق المغرب على عدة اتفاقيات دولية وإقليمية وثنائية في هذا المجال، خاصة منها اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بالمقررات التحكيمية الأجنبية وتنفيذها، التي اعتمدتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية التابعة لهيئة الأمم المتحدة بتاريخ 10 يونيو 1958م، والمصادق عليها بمقتضى القانون رقم 1.59.266 المؤرخ في 19 فبراير 1960م، واتفاقية واشنطن لسنة 1965م الخاصة بتسوية الخلافات الراجعة للاستثمارات بين الدول ورعايا دول أخرى التي انضمت إليها المملكة بمقتضى المرسوم الملكي رقم 564.65 المؤرخ في 31 أكتوبر 1966م، علاوة على اتفاقيات أخرى مع عدة دول تتضمن شرط اللجوء للتحكيم.
وفي إطار الإصلاح القضائي لسنة 1974م، صدر قانون بتاريخ 28 سبتمبر 1974م بالمصادقة على قانون المسطرة المدنية، تضمَّن في بابه الثامن تنظيم مسطرة التحكيم في الفصول من 603 إلى 327. ونظرًا لكون هذا القانون لم يتعرض للوساطة كوسيلة بديلة لفض المنازعات، ولم ينظم التحكيم الدولي، إضافة إلى كونه لم يلم بكل قواعد التحكيم؛ مما فسح المجال أمام العمل القضائي منذ السنوات الأولى لتطبيق هذا النص، لاعتماد الاتفاقيات الدولية التي انضم إليها المغرب بصفة قانونية، وتطبيق مقتضياتها على النزاعات المعروضة، خاصة في موضوع الاعتراف بالأحكام التحكيمية الأجنبية الدولية وتذييلها بالصيغة التنفيذية.
ومراعاة للتطور الاقتصادي الذي عرفته جل دول المعمور، وما صاحبه من ازدهار للتجارة الدولية وتحريرها، خاصة بعد توقيع اتفاقية مراكش التي أعلنت عن ميلاد "منظمة التجارة العالمية" التي دخلت حيز التنفيذ في بداية يناير 1995م، ودعت دول العالم إلى الانخراط في عولمة الاقتصاد، وتحديث تشريعاتها، حيث أرفق بهذه الاتفاقية ملحق خاص تحت عنوان "تفاهم بشأن القواعد والإجراءات التي تحكم تسوية المنازعات، عن طريق التحكيم والتوفيق والوساطة".
واعتبارًا لما نص عليه القانون رقم 18.95 - الذي يعد بمثابة ميثاق الاستثمارات - من تدابير لتشجيع الاستثمار الأجنبي الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 29 نوفمبر 1995م، ومنها إمكانية فض المنازعات الناشئة عن العقود الدولية للاستثمار عن طريق التحكيم الدولي وفقًا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا المجال (المادة 17 من ميثاق الاستثمارات)..
لكل هذه الأسباب كان من الضروري تعديل المبادئ القانونية المنظِّمة للتحكيم في قانون المسطرة المدنية بسَنِّ قواعدَ جديدةٍ تنظم التحكيم الدولي والوساطة الاتفاقية، فصدر القانون رقم 08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية بالجريدة الرسمية بتاريخ 6 ديسمبر 2007م (الفصول من 306 إلى 70-327).
إلا أنه بعد مرور أكثر من عشر سنوات على صدور هذا القانون، وفي ضوء الانتعاش الاقتصادي وتدفق الاستثمارات الأجنبية، واستجابة للرغبة المُلحة للمستثمرين في تبسيط وتسريع المساطر الإدارية والقضائية في عملية الاستثمار، ومنها مسطرة التحكيم والوساطة، وسعيًا إلى تأهيل القضاء لمواكبة التحكيم من خلال تبسيط مسطرة التذليل بالصيغة التنفيذية والاعتراف بأحكام المُحكِّمين الصادرة فيها؛ على هذا الأساس كان من الضروري فصل القواعد المنظمة للتحكيم والوساطة الاتفاقية عن قانون المسطرة المدنية، مع إدخال التعديلات اللازمة عليها لتواكب المستجدات التي عرفتها التجارة الدولية، وفي هذا الإطار تم إعداد مشروع قانون ينظم التحكيم والوساطة.
وقد تم إعداد مشروع هذا القانون وفق منظور جديد يتميز بمجموعة من المستجدات الجوهرية يمكن إجمالها في العناصر الآتية:
1- اعتبارًا لكون التحكيم وسيلة من الوسائل البديلة لحل النزاعات تقوم على أساس اليسر في الإجراءات، والابتعاد عن مساطر القضاء الاحترافي؛ تم اعتماد خيار عدم إخضاع المُحكِّم لرقابة أي جهة قضائية، مع ترك أمر تحديد لائحة المُحكِّمين لنص تنظيمي (المادة 11 من المشروع).
2- إسناد الاختصاص لإضفاء الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية - حسب موضوع النزاع - لرئيس المحكمة الابتدائية، أو رئيس المحكمة الإدارية، أو رئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الابتدائية، أو رئيس المحكمة التجارية، أو رئيس القسم المتخصص في القضاء بالمحكمة الابتدائية.
