• التحكيم في ضوء قانون التحكيم البحريني

     

    قبل التعديل

    التحكيم والوسائل البديلة

     لفض النزاعات 

    فى ضوء قانون التحكيم البحريني رقم 9 لسنة 2015 

    مقارنة بقانون التحكيم البريطاني وقانون التحكيم المصري

    الباب الأول

    التسوياتُ السلميةُ للمنازعات

    إن التسوية القضائية للمنازعات تدخل في عموم التسوية السلمية للمنازعات، والقضاءُ سلطةٌ من سلطات الدولة الأساسية الثلاث وولايته ولاية إجبارية يخضع لها الناس جميعا وفقا للدستور والقانون، والحكم القضائي النهائي نافذ بذاته وعلى كل السلطات بالدولة أن تعمل على وضعه موضع التنفيذ وعلى ذلك فإن القضاء هو أهم  الوسائل السلمية لتسوية المنازعات.

    والتسوية الثانية للمنازعات تتم عن طريق التحكيم- والتحكيم في أبسط تعريفاته هو نوع من القضاء الاختياري ذلك أن أطرافا متنازعة كثيراً ما يتفقون على حل منازعاتهم أو خلافاتهم  لا عن طريق اللجوء إلى المحاكم – وإنما عن طريق اللجوء إلى مُحَكِّم أو عدد من المحكمين يرتضونهم لكي يقوموا بحل النزاع ويرتضي أطراف المنازعة سلفاً قبول ما ينتهي إليه هؤلاء المحكمون.

    كما أنه من صور التسوية السلمية للمنازعات إلى جوار القضاء والتحكيم أيضا المفاوضات والوساطة والتوفيق والمحكمة المصغرة والصلح وكثيراً ما تؤدي المفاوضة إلى نوع من الصلح.

    على أن التحكيم هو أقدم صور التسوية السلمية للمنازعات وأحدثها في آن واحد، بل انه أقدم صور التسوية السلمية للمنازعات ، فقبل وجود الدولة الحديثة ووجود القضاء كسلطة من سلطات الدولة له الولاية الإجبارية لفض المنازعات والحكم فيها فإن الناس كانت لهم بطبيعة الحال علاقات وكان ينتج عن هذه العلاقات خلافات ومنازعات وكان لابد من وسيلة لفض هذه المنازعات. وكانت الحروب القبلية والقوة بكل صورها وسيلة من وسائل تحصيل الحقوق ، ولكن ذلك لا يدخل في باب التسوية السلمية وكانت صورة التسوية السلمية هي اللجوء إلي ذوي الشأن، للكاهن أو لرجل الدين أو لشيخ القبيلة أو لأحد الحكماء لكي يفصل في نزاعهم ويرتضي المتنازعون ما ينتهي إليه ذلك الشخص. وكانت هذه هي الصورة البدائية الأولى من صور التحكيم.

    وظلت هذه الصورة البدائية هي السائدة في العصور القديمة مع تعديل لها في هذا الجانب أو في ذاك إلى أن بدأت سلطة الدولة واحتكرت تلك السلطة ، سلطة فض المنازعات بين الناس عن طريق عمال الدولة وموظفيها الذين كانوا في العادة يفصلون في المنازعات باسم الملك أو الأمير وكان الملك أو الأمير أو الخليفة هو قاضي القضاة أو هو القاضي الأول وكان الآخرون مندوبين عنه يحكمون باسمه ثم تطور الأمر إلى أن أصبح القضاء سلطة مستقلة من سلطات الدولة الحديثة له الولاية الإجبارية في الحكم في سائر المنازعات المدنية وفي القضايا الجنائية وفقاً للقوانين المنظمة للقضاء في ظل  دستور الدولة.

    وعندما نقول إن الدولة الحديثة دولة قانونية فإننا نعني أن السيادة فيها لحكم القانون وليس لإرادات  الأفراد والذي يُطَبِّق القانون هم القضاة وهم وحدهم أصحاب الولاية في الفصل في المنازعات .

    ولكن المنازعات في الدولة الحديثة اتسعت وتشابكت وتعددت أطرافها ، ومنذ نهاية القرن الماضي وحتى الآن ووسيلة التحكيم تزداد أهميتها ويتطور تنظيمها.

    ومن غير شك فإن التحكيم وسيلة أسرع لفض المنازعات ذلك أن اللجوء إلى القضاء العادي بدرجاته المتعددة قد يؤدي إلى مرور سنوات طوال دون أن يُفْصل في المنازعة وقد تكون هذه السرعة هي الحافز الأساسي للجوء إلى التحكيم وتفادي الإجراءات المعقدة الطويلة أمام القضاء العادي.

    ومن ناحية أخرى فإن تعقد العلاقات الاقتصادية والتطور التكنولوجي الهائل جعل جانبا من المنازعات يتعذر علي القاضي العادي إدراكه وفهمه  إلا بالرجوع إلى الخبراء وهذا في حد ذاته  يطيل أمد المنازعة ويجعل أطرافها يفضلون تحكيم خبراء في نوعية النزاع بدلاً من اللجوء إلى قضاة لا يملكون غير ثقافتهم القانونية.

    ومن ناحية ثالثة فإن النصوص القانونية تبدو أحيانا عاجزة أو قاصرة أو غير محققة وحدها للعدالة لكن يبدو التحكيم أهلا لتحقيق ذلك.

    وهذا كله يجعل التحكيم يتصدى للفصل في منازعة كل عناصرها وطنية أو في  إطار اقتصاد بلد واحد ولكن العلاقات التجارية الدولية الحديثة أوجدت نوعا جديدا وهاما ًمن العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية والدولية التي تتعدد فيها الأطراف الدولية وتتعدى العلاقة التي  تثور بشأنها المنازعة حدود الدولة بل تمتد إلي عديد من الدول مما يثير مشاكل كثيرة حول الاختصاص القضائي وحول القانون الواجب التطبيق.

    التحكيم كوسيلة بديلة لتسوية المنازعات

    مقدمة:

    يعتبر التحكيم أحد الوسائل البديلة عن القضاء لتسوية المنازعات التجارية، وشاع اللجوء له في العقود الدولية بشكل خاص، بحيث يندر أن نجد عقدا دوليا لا يتضمن شرط التحكيم لتسوية المنازعات الناشئة عن العقد ونقصد بالتحكيم هذا التحكيم الاختياري الذي يتفق فيه أطراف عقد تجاري على تسوية المنازعات التي تنشأ أو نشأت بينهم بالنسبة لذلك العقد باللجوء إلى التحكيم. ومثال ذلك أن تشتري شركة بحرينية سلعة من شركة سويدية . وينص العقد على أن أي خلاف بين الطرفين ناشئ عن هذا العقد ويتعلق به يُحال إلى التحكيم وفق أحكام القانون البحريني أو وفق قواعد غرفة التجارة الدولية في باريس وإعمالا لهذا الفرض  لو نشأ نزاع بين الطرفين فعلا فإنه يجب إحالته للتحكيم وفق إرادتهما. وإذ لجأ احدهما إلى القضاء فيجب على المحكمة المرفوع أمامها النزاع أن تحيلها للتحكيم إذا توافرت شروط ذلك حسب قانونها  الوطني.




    ما هو التحكيم ؟ وما هو الصلح ؟

    التحكيم : 

    هو الاتفاق على طرح النزاع أو الخلاف على شخص أو أشخاص مُعَينين ، ليفصلوا فيه دون اللجوء للمحكمة المختصة به ، وبمقتضى التحكيم يتنازل الخصوم عن الالتجاء للقضاء ، مانحين المُحَكمين سلطة نظر النزاع بدلا من المحكمة المختصة بنظره مع إقرارهم بأن حكم المحكمين ملزم لهم . 

    هذا وقد يكون هذا الاتفاق منصوصاً عليه في العقد فيسمى " شرط التحكيم " وقد يكون هذا الاتفاق بمناسبة نزاع قائم بالفعل بين الخصوم ويسمى في هذه الحالة "مشارطة التحكيم أو "اتفاق التحكيم " . 

    الصلح : 

    هو أن الأطراف المتنازعة تقوم بتنازل متبادَل، وعلى هذا، فالأطراف المتنازعة تحل المشكلة بنفسها وقد تلجأ إلى بعض المصالحين الذين لا يُعتبرون محكمين بالصلح، لأن قرارهم لا تكون له قوة إلزامية إلا عند قبوله صراحة، أما في التحكيم فهم يحضرون بصفتهم خصوماً في قضية يدير إجراءاتها المحكمون، والذين هم ليسوا أطرافاً في النزاع، كما أن الحكم الذي يصل إليه المحكمون مُلزم لهم . 

    الفرق بين التحكيم والصُلْح : 

    إن نظامي التحكيم والصلح يتميزان عن بعضهما البعض. ففي الصلح تعمد الأطراف المتنازعة إلى القيام بتنازل متبادل فيتنازل كل منهم عن بعض من حقوقه نظير قيام الآخر بشئ مماثل وذلك لحسم النزاع الذي قد يوجد فيما بينهم ، والحقيقة أنه في النظام القانوني للصلح تَفْصلُ الأطراف المتنازعة في أمرها ، أما في التحكيم فإن الأطراف يحضرون فيه بصفتهم خصوماً في قضية تدور إجراءاتها أمام المحكم الذي يكون شخصاً آخر ومن جهة أخرى ففي الصلح نجد تنازلاً متبادلا من كل طرف عن جزء من حقوقه أما في التحكيم فقد يكسب أحد الأطراف كل القضية ، فالأشخاص بصدد نزاع ما ، يتجهون إلى شخص أو أكثر من غير المتنازعين لكي يجد لهم حلا للنزاع الناشب بينهم والحل الذي يصل إليه هذا المصالح قد يكون محل قبول من هؤلاء الأشخاص ويصلح بالتالي لكي يكون أساساً للقيام في مرحلة تالية بإجراء الصلح ؛ واللجوء إلى المصالحين يتم في الواقع دون التقيد بأي قواعد إجرائية أو موضوعية ورغم هذه الخاصية غير القانونية لهذا النوع من أنواع الحلول الاجتماعية فإنه يعتبر رغم ذلك نظاما مقصورا وقوعه في المجال القانوني ولا يعتبر هؤلاء الأشخاص المصالحون كمحكمين بالقضاء أو محكمين بالصلح لسبب واضح ، هو أن القرار أو الحل الذي يصلون إليه لا تكون له أى قوة إلزامية للأشخاص الذين يلجأون إلى هذه الطريقة إلا إن قبلوا رأى أغلب الفقهاء لذا فإن ما يقوم به المصالحون لابد أن يكون مقدمة أو اقتراحا لانعقاد صلح مباشر فيما بين الخصوم أي أن مساهمة المصالحين في هذه العملية لا تعدو أن تكون مجرد حدث ذي قيمة معنوية للخصوم على إجراء الصلح المرتقب . 

     بعد التعديل

    التَّحْكِيمُ والوَسَائِلُ البَدِيلَةُ لِفِضِّ النِّزَاعَاتِ
    فِي ضَوْءِ قَانُونِ التَّحْكِيمِ البَحْرَيْنِيِّ رَقْمَ (9) لِسَنَةِ 2015م
    مُقَارَنَةٌ بِقَانُونِ التَّحْكِيمِ البِرِيطَانِيِّ وَقَانُونِ التَّحْكِيمِ المِصْرِيِّ


    الباب الأول :
    التسوية السلمية للمنازعات

    إنَّ التسوية القضائية للمُنازعات تدخل في عموم التسوية السلمية للمُنازعات، والقضاءُ سلطةٌ من سلطات الدولة الأساسية الثلاث، وولايته ولاية إجبارية يخضع لها الناس جميعًا وفقًا للدستور والقانون، والحكم القضائي النهائي نافذ بذاته، وعلى كل السلطات بالدولة أن تعمل على وضعه موضع التنفيذ؛ وعلى ذلك فإن القضاء هو أهم الوسائل السلمية لتسوية المُنازعات.

    والتسوية الثانية للمُنازعات تتم عن طريق التحكيم، والتحكيم - في أبسط تعريفاته - هو نوع من القضاء الاختياري؛ ذلك أنَّ أطرافًا متنازعة كثيرًا ما يتفقون على حل مُنازعاتهم أو خلافاتهم لا عن طريق اللجوء إلى المحاكم؛ وإنما عن طريق اللجوء إلى مُحَكِّم أو عدد من المُحكِّمين يرتضونهم لكي يقوموا بحل النزاع، ويرتضي أطراف المُنازعة سلفًا قبول ما ينتهي إليه هؤلاء المُحكِّمون.

    كما أن من صور التسوية السلمية للمُنازعات - إلى جوار القضاء والتحكيم - المفاوضات، والوساطة، والتوفيق، والمحكمة المصغرة، والصلح، وكثيرًا ما تؤدي المفاوضة إلى نوع من الصلح.

    على أن التحكيم هو أقدم صور التسوية السلمية للمُنازعات وأحدثها في آن واحد؛ بل إنه أقدم صور التسوية السلمية للمُنازعات، فقبل وجود الدولة الحديثة ووجود القضاء كسلطة من سلطات الدولة له الولاية الإجبارية لفض المُنازعات والحكم فيها؛ فإن الناس كانت لهم - بطبيعة الحال - علاقات، وكان ينتج عن هذه العلاقات خلافات ومُنازعات، وكان لا بدَّ من وسيلة لفض هذه المُنازعات. وكانت الحروب القبَلية والقوة بكل صورها وسيلة من وسائل تحصيل الحقوق، ولكن ذلك لا يدخل في باب التسوية السلمية، وكانت صورة التسوية السلمية هي اللجوء إلى ذوي الشأن، للكاهن أو لرجل الدين أو لشيخ القبيلة أو لأحد الحكماء؛ لكي يفصل في نزاعهم، ويرتضي المتنازعون ما ينتهي إليه ذلك الشخص، وكانت هذه هي الصورة البدائية الأولى من صور التحكيم.

    وظلت هذه الصورة البدائية هي السائدة في العصور القديمة، مع تعديل لها في هذا الجانب أو في ذاك، إلى أن بدأت سلطة الدولة واحتكرت تلك السلطة؛ سلطة فض المُنازعات بين الناس عن طريق عمال الدولة وموظفيها الذين كانوا - في العادة - يفصلون في المُنازعات باسم الملك أو الأمير، وكان الملك أو الأمير أو الخليفة هو قاضي القضاة، أو هو القاضي الأول، وكان الآخرون مندوبين عنه يحكمون باسمه، ثم تطور الأمر إلى أن أصبح القضاء سلطة مستقلة من سلطات الدولة الحديثة، له الولاية الإجبارية في الحكم في سائر المُنازعات المدنية وفي القضايا الجنائية، وفقًا للقوانين المنظِّمة للقضاء في ظل دستور الدولة.

    وعندما نقول إن الدولة الحديثة دولة قانونية فإننا نعني أن السيادة فيها لحكم القانون وليس لإرادات الأفراد، والذين يُطَبِّقون القانون هم القضاة، وهم وحدهم أصحاب الولاية في الفصل في المُنازعات.

    ولكن المُنازعات في الدولة الحديثة اتسعت، وتشابكت، وتعددت أطرافها، ومنذ نهاية القرن الماضي وحتى الآن ووسيلة التحكيم تزداد أهميتها، ويتطور تنظيمها.

    ومن غير شك فإنَّ التحكيم وسيلة أسرع لفض المُنازعات؛ ذلك أن اللجوء إلى القضاء العادي - بدرجاته المتعددة - قد يؤدي إلى مرور سنوات طوال دون أن يُفْصل في المُنازعة، وقد تكون هذه السرعة هي الحافز الأساسي للجوء إلى التحكيم، وتفادي الإجراءات المعقدة الطويلة أمام القضاء العادي.

    ومن ناحية أخرى فإن تعقُّد العلاقات الاقتصادية والتطور التكنولوجي الهائل جعلا جانبًا من المُنازعات يتعذر على القاضي العادي إدراكه وفهمه إلا بالرجوع إلى الخبراء، وهذا - في حد ذاته - يطيل أمد المُنازعة، ويجعل أطرافها يفضلون تحكيم خبراء في نوعية النزاع بدلًا من اللجوء إلى قضاة لا يملكون غير ثقافتهم القانونية.

    ومن ناحية ثالثة فإن النصوص القانونية تبدو - أحيانًا - عاجزة أو قاصرة أو غير محققة وحدها للعدالة، لكن يبدو التحكيم أهلًا لتحقيق ذلك.

    وهذا كله يجعل التحكيم يتصدى للفصل في مُنازعة كل عناصرها وطنية، أو في إطار اقتصاد بلد واحد، ولكن العلاقات التجارية الدولية الحديثة أوجدت نوعًا جديدًا ومهمًّا من العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية والدولية التي تتعدد فيها الأطراف الدولية، وتتعدى العلاقة التي تثور بشأنها المُنازعة حدود الدولة؛ بل تمتد إلى عديد من الدول، مما يثير مشاكل كثيرة حول الاختصاص القضائي، وحول القانون الواجب التطبيق.

    التحكيم كوسيلة بديلة لتسوية المُنازعات

    مقدمة:

    يُعتبر التحكيم إحدى الوسائل البديلة عن القضاء لتسوية المُنازعات التجارية، وشاع اللجوء له في العقود الدولية بشكل خاص، بحيث يندر أن نجد عقدًا دوليًّا لا يتضمن شرط التحكيم لتسوية المُنازعات الناشئة عن العقد، ونَقصد بالتحكيم هذا التحكيم الاختياري الذي يتفق فيه أطراف عقد تجاري على تسوية المُنازعات التي تنشأ - أو نشأت - بينهم بالنسبة لذلك العقد باللجوء إلى التحكيم. ومثال ذلك أن تشتري شركة بحرينية سلعة من شركة سويدية، وينص العقد على أن أي خلافٍ بين الطرفين ناشئٍ عن هذا العقد ويتعلق به يُحال إلى التحكيم وفق أحكام القانون البحريني، أو وفق قواعد غرفة التجارة الدولية في باريس؛ وإعمالًا لهذا الفرض لو نشأ نزاع بين الطرفين فعلًا فإنه يجب إحالته للتحكيم وفق إرادتهما، وإذ لجأ أحدهما إلى القضاء فيجب على المحكمة المرفوع أمامها النزاع أن تحيلها للتحكيم إذا توافرت شروط ذلك حسب قانونها الوطني.

    ما هو التحكيم؟ وما هو الصلح؟

    التحكيم:

    هو الاتفاق على طرح النزاع أو الخلاف على شخص أو أشخاص مُعَينين؛ ليفصلوا فيه دون اللجوء للمحكمة المختصة به، وبمقتضى التحكيم يتنازل الخصوم عن الالتجاء للقضاء، مانحين المُحَكِّمين سلطة نظر النزاع بدلًا من المحكمة المختصة بنظره، مع إقرارهم بأن حكم المُحكِّمين ملزم لهم.

    هذا، وقد يكون هذا الاتفاق منصوصًا عليه في العقد فيسمى "شرط التحكيم"، وقد يكون هذا الاتفاق بمناسبة نزاع قائم بالفعل بين الخصوم ويسمى في هذه الحالة "مُشارطة التحكيم" أو "اتفاق التحكيم".

    الصلح:

    هو أن تقوم الأطراف المتنازعة بتنازل متبادَل، وعلى هذا، فالأطراف المتنازعة تحل المشكلة بنفسها، وقد تلجأ إلى بعض المُصالحين الذين لا يُعتبرون مُحكِّمين بالصلح؛ لأن قرارهم لا تكون له قوة إلزامية إلا عند قبوله صراحة، أما في التحكيم فهم يحضرون بصفتهم خصومًا في قضية يدير إجراءاتها المُحكِّمون، الذين هم ليسوا أطرافًا في النزاع، كما أن الحكم الذي يصل إليه المُحكمون مُلزم لهم.

    الفرق بين التحكيم والصُلْح:

    إن نظامَي التحكيم والصلح يتميزان عن بعضهما البعض؛ ففي الصلح تعمد الأطراف المتنازعة إلى القيام بتنازل متبادل، فيتنازل كل منهم عن بعض حقوقه نظير قيام الآخر بشيء مماثل؛ وذلك لحسم النزاع الذي قد يوجد فيما بينهم، والحقيقة أنه في النظام القانوني للصلح تَفْصلُ الأطراف المتنازعة في أمرها، أما في التحكيم فإن الأطراف يَحضرون فيه بصفتهم خصومًا في قضية تدور إجراءاتها أمام المُحكِّم الذي يكون شخصًا آخر، ومن جهة أخرى ففي الصلح نجد تنازلًا متبادلًا من كل طرف عن جزء من حقوقه. أما في التحكيم فقد يكسب أحد الأطراف كل القضية، فالأشخاص بصدد نزاع ما، يتجهون إلى شخص - أو أكثر - من غير المتنازعين لكي يجد لهم حلًّا للنزاع الناشب بينهم، والحل الذي يصل إليه هذا المُصالح قد يكون محل قبول من هؤلاء الأشخاص؛ ويصلح بالتالي لكي يكون أساسًا للقيام في مرحلة تالية بإجراء الصلح، واللجوء إلى المصالحين يتم في الواقع دون التقيد بأي قواعد إجرائية أو موضوعية، ورغم هذه الخاصية غير القانونية لهذا النوع من أنواع الحلول الاجتماعية فإنه يُعتبر - رغم ذلك - نظامًا مقصورًا وقوعه في المجال القانوني، ولا يُعتبر هؤلاء الأشخاص المصالحون مُحكِّمين بالقضاء أو مُحكِّمين بالصلح لسبب واضح؛ هو أن القرار أو الحل الذي يصلون إليه لا تكون له أي قوة إلزامية للأشخاص الذين يلجَئون إلى هذه الطريقة إلا إن قبلوا رأي أغلب الفقهاء؛ لذا فإن ما يقوم به المصالحون لا بدَّ أن يكون مقدمة أو اقتراحًا لانعقاد صلح مباشر فيما بين الخصوم؛ أي أن مساهمة المصالحين في هذه العملية لا تعدو أن تكون مجرد حدث ذي قيمة معنوية للخصوم على إجراء الصلح المرتقب.




  • العنوان

    مصر-الجيزة،مدينة 6 أكتوبر

    البريد الإلكتروني

    anasmostafa1994@gmail.com

    أرقام التواصل

    1117575818 (+20)
    1008598991 (+20)